الشفاء بعد المرض
قصة أيوب عليه السلام وصبره على البلاء والمرض ثماني عشره سنة ثم الشفاء
كان أيوب عليه السلام رجلاً كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه ، من الأنعام
والعبيد والمواشي الأراضي المتسعة ، وكان له من الأولاد والأهـلون الكثير ، فسلب من ذلك جميعه وابتـلى في جسده بأنواع البلاء ، ولم يبق من منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه ، يذكر الله عـز وجـل في ليله ونهاره وصباحه ومسائه . . وطال مرضه , حتى عافه الجليس وأوحش منه الأنيس وأصطبر على ذلك حتى جاءه فرج الله ، وجاء القـرآن بذكره ، ونطقـت الأخبار بشرح أمره ، قال تعالى :
(( وأيوب إذ نادى ربّـه ، أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ، فاستجبنا له ، فكشفنا ما به من ضر ، وآتيناه أهله ، ومثلهم معهم رحمة من عندنا ، وذكرى للعابدين )) [ سورة الأنبياء: 21 ] .
وفي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة ، فرفضه القريب والبعيد : إلا رجلين من إخوانه ، كانا يغدوان إليه ويروحان ، فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم : تعـلم والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين؟ فقال له صاحبه وما ذالك؟ قال : منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به فلما راحا إلى أيوب ، لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلـك له ، فقـال أيوب : لا أدري ما تقولان ، غير أن الله تعالى يعلم أنتي كنت أمر بالرجلين يتنازعان فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفـر عنهما كراهـية أن يذكر الله إلا في حق . قال : وكان يخرج إلى حاجته فإذا قضى حاجته ، أمسكته إمرأته بيد حتى يبلغ ، فلما كانت ذات يوم أبطأ عليها وأوحي إلى أيوب أن ( أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ) فاستبطأته ، فتلقته تنظر وقد أقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء ، وهـو أحسن ما كان فلما رأته قالت : أي بارك الله فيك ، هل رأيت نبيّ الله هذا المبتلى؟! والله على ذلك ما رأيت أشبه منك إذ كان صحيحاً، فقال : فإني أنا هـو : وكان له أدران ( أي بيد ران ) أندر للقمح وأندر للشعير ، فبعث الله بسحابتين ، فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض ، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الوَرِق حتى فاض.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بينما أيوبُ يغـتسل عرياناً خـرّ عليه رجل جَرادٍ من ذهـب ، فجعل يحثى في ثوبه فنادى ربّهُ : يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال بلى يارب ، ولكن لا غنى لي عن بركتك .